شهدت المرحلة الأخيرة تطورات في كافة القطاعات على المستويين السياسي والاقتصادي في المنطقة ككل ولعل أكثر ما يهم مختلف دول العالم قضيتين أساسيتين وهما قطاع غزة والتفكير في سبل إنهاء العدوان الإسرائيلي، وتبعات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويستعرض “كابيتال نيوز” آخر المستجدات عن إتفاقية الكويز وقضية قطاع غزة.
أقرأ أيضا: بسبب رسوم ترامب الجمركية.. توجه مصري لتعديل بنود إتفاقية الكويز
جهود مصر لدعم القضية
منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 على قطاع غزة؛ تبذل مصر جهودا حثيثة، من أجل تحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار وإنهاء الصراع بشكل دائم.
ولطالما وقفت مصر عائقا أمام المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين عن أرضهم ووطنهم، وحتى هذه اللحظة ومصر تؤكد أنها ستقف أمام أي محاولات لتهجير الفلسطينيين.
رسوم ترامب الجمركية
وحول رسوم ترامب الجمركية؛ هناك موجة غضب لدى المصدرين المصريين، خاصة في قطاع الملابس والمنسوجات، الذي يعد من أبرز القطاعات المستفيدة من السوق الأمريكية.
لكن الأمر بالنسبة لمصر يبدو أنه لا يستحق كون مصر تمتلك ورقة “اتفاقية الكويز” – التي قد تتحول إلى أداة استراتيجية لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن سياسات ترامب.
ما هي إتفاقية الكويز؟
“وإتفاقية الكويز” هي عبارة عن اتفاقية خاصة بالمناطق الصناعية المؤهلة، وهي عبارة عن بروتوكول تجاري وقعته مصر مع الولايات المتحدة وإسرائيل في ديسمبر 2004، كان الهدف منه وبحسب ما ورد في بنود الإتفاقية هو تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي ودعم السلام في الشرق الأوسط.
وتتيح الاتفاقية للمنتجات المصنعة في مناطق صناعية محددة بمصر الدخول إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الرسوم الجمركية وبدون حصص كمية، شريطة أن تحتوي هذه المنتجات على نسبة 10.5% من المكونات الإسرائيلية.
فإسرائيل عنصر أساسي في إتفاقية الكويز، إذا هل من الممكن ولأن مصر تقف عقبة قوية أمام إسرائيل وتمنعها من تحقيق مخططاتها في قطاع غزة، أن تتدخل للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لإلغاء إتفاقية الكويز، حتى تتأثر مصر بشكل سلبي اقتصاديا خاصة وأن إتفاقية الكويز هي الأداة الاستراتيجية لمواجهة التحديات الاقتصادية التي قد تنتج عن رسوم ترامب الجمركية.
ميزة إتفاقية الكويز
الدكتور “رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد السياسي والاستثمار والتمويل الدولي، أوضح أن رسوم ترامب الجمركية ستؤثر على الدول بمعنى أن أي دولة يتم فرض رسوم إضافية عليها، فإن أرباحها تقل وعوائدها أيضا تقل، لكن بالنسبة لمصر – فلديها ميزة مهمة وهي “إتفاقية الكويز”.
الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد السياسي والاستثمار والتمويل الدولي
وأشار الدكتور “رشاد عبده” في تصريحات خاصة لموقع “كابيتال نيوز” إلى أن إتفاقية الكويز تنص على أنه يحق لمصر تصدير الملابس الجاهزة والمنسوجات والسجاد لأراضي الولايات المتحدة الأمريكية دون فرض رسوم جمركية عليها، ولكن بشرط واحد، هو أن يكون فيها جزء مكون من إسرائيل.
ونوه بأن الهدف من وضع هذا الشرط – كان تأكيد ودعم السلام، وأن هناك علاقات اقتصادية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن الاتفاق أن تضع إسرائيل تضع في هذا المكون 17%، لكن تم تقليل نسبتها بعد ذلك لـ 10%.
نسبة صادرات مصر لأمريكا
وتابع أستاذ الاقتاد: “مصر تصدر لأمريكا بنسبة 2.2 مليار دولار من قيمة كل المنتجات التي تصدرها للولايات المتحدة – منها ملابس جاهزة ومنسوجات وسجاد بقيمة 1.2 مليار، أي أن ما يعادل تقريبا 54% من صادرات مصر إلى أمريكا عبارة عن ملابس جاهزة – وهي خاضعة لإتفاقية الكويز، ولا تخضع للرسوم الجمركية، مما يؤكد أن مصر استفادت من اتفاقية الكويز – خاصة في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب.
وأضاف أن التجار في أمريكا أجروا اتصالات بالمنتجين الذين يصنعوا الملابس الجاهزة والسجاد في مصر، وطالبوهم بزيادة الإنتاج ونسبة التصدير، كون أسعار المنتجات المصرية في السوق الأمريكي أصبحت أرخص بكثير، تحديدا منتجات الملابس الجاهزة والسجاد، مؤكدا
أن هذه الإتصالات ميزة قوية لمصر، لانه يساعد على زيادة الإنتاج والتصدير للسوق الأمريكي.
إسرائيل ملزمة بإتفاقية الكويز
ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي والاستثمار والتمويل الدولي أنه يستوجب من مصانع مصر وتجارها تحديدا خلال المرحلة المقبلة أن يستفيدوا من إتفاقية الكويز، ويبذلوا جهودا من أجل التوسع في الإنتاج، لكي تزيد نسبة إنتاج الصادرات لأمريكا – وهو ما يساعد على الاستفادة من العملات الأجنبية.
واختتم الدكتور “رشاد عبده” بالتأكيد على أن إسرائيل إذا حاولت الدخول في حروب أو خلافات مع مصر، فإن ذلك سوف يجعلها تخسر إقتصاديا بما يعادل المليارات، فإسرائيل لن تضحي بمصالحها الاقتصادية بأي شكل من الأشكال ليس من أجل قطاع غزة أو لأي سبب آخر.
الكويز والتبادل التجاري بين الدول
من جانبه أفاد الدكتور “كريم العمدة” أستاذ علوم الاقتصاد، بأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تختلف عن إتفاقية الكويز، حيث أن الرسوم الجمركية لها علاقة بالتجارة العادية بين الدول، لكن ليس لها علاقة بالإتفاقيات الثنائية، فالإتفاقيات الثنائية تحتاج أن يتم إلغائها وحدها.
الدكتور “كريم العمدة” أستاذ الأقتصاد
وأشار “العمدة” في تصريحات خاصة لموقع “كابيتال نيوز” إلى أن إتفاقية الكويز تسمح للمنتجات المصرية الدخول إلى الأسواق الأمريكية، لكن من الممكن أن يكون هناك بعض السلع الأخرى قبل قرار دونالد ترامب عليها رسوم جمركية، ومن الممكن أن تكون هذه الرسوم أقل من 10% أو أكثر.
وأضاف أن إتفاقية الكويز سنحت لمصر ميزة وهي أن تجتاح أسواق الولايات المتحدة الأمريكية بعدد محدد من السلع لكن بشروط ومعايير معينة ووفقا لمناطق مؤهلة، منوها بأنه يمكن القول إن مصر استفادت من هذه الإتفاقية في مجال صناعة الغزل والنسيج.
موقف إسرائيل
وعند سؤاله عن ما إذا كانت إسرائيل مستفيدة من إتفاقية الكويز بإعتبارها عنصر أساسي فيه، أكد أستاذ علوم الاقتصاد “كريم العمدة” في تصريحاته لموقع “كابيتال نيوز” أن إسرائيل بالفعل شريك أساسي في هذه الإتفاقية ومستفيدة هي الأخرى منها، حيث أن بنود الإتفاقية تنص على أن أي منتج يحتوي على مكون محلي إسرائيلي يتراوح ما بين 10.5% إلى 11% ينفذ لأسواق الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية، فواقع الحال أن إسرائيل مستفيدة بشكل كبير من إتفاقية الكويز، لذلك من الصعب أن تحاول إسرائيل أن تتدخل أو تضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لإلغاء إتفاقية الكويز.
وفيما يتعلق بقضية قطاع غزة وموقف مصر من المخططات التي تحاكيها إسرائيل، أكد الدكتور “كريم العمدة” أن الدول لا تحاول أن تستخدم سلاح الاقتصاد لإتخاذ موقف سياسي معين، فالدول لا تضحي بمصالحها الاقتصادية للرد سياسيا، مؤكدا أن إسرائيل تحتاج بشكل أساسي هذه الإتفاقية وتريد أن تتوسع فيها، لذلك لن تفكر أن تضحي لأنها تفكر في مصلحتها الاقتصادية أولا.
استفادة مصر من الـ 10%
وفيما يتعلق بالتقارير التي أكدت أن مصر من الممكن أن تستفيد من نسبة الـ 10% التي فرضها الرئيس ترامب على مصر، أوضح “كريم العمدة” أن الرسوم الجمركية التي تم فرضها لا تتعدى الحد الأدنى وهو الـ 10%، ولأن هناك دول في المنطقة هي الأخرى فرض عليها نفس النسبة مثل المغرب وتونس وتركيا دول شمال إفريقيا، فهنا يمكن لمصر أن تستفيد عند الدخول في تنافسية اقتصادية مع الدول التي فرضت عليها نفس النسبة.
وأشار إلى أنه من الممكن أن تحاول الشركات الصينية أن تقوم بإتمام مدن صناعية في مصر، مؤكدا أن الصين بالفعل سبق وقد أتمت مدينة صناعية في السادات – بإسم مدينة “ماي كاي” للملابس الجاهزة والمنسوجات، وكان هدفها هو الاستفادة من تبعات اتفاقية الكويز.