يترقب عشاق الفلك والمهتمون بالظواهر الكونية ظاهرة فلكية نادرة تشهدها الكعبة المشرفة في قلب المسجد الحرام يوم الأربعاء المقبل، الموافق 28 مايو 2025م، والذي يصادف الأول من ذي الحجة 1446هـ.
إنها ظاهرة “تعامد الشمس” أو “تسامت الشمس”، حيث تتعامد أشعة الشمس بشكل رأسي تمامًا فوق الكعبة المشرفة، ما يؤدي إلى مشهد فريد ومدهش يتمثل في اختفاء ظل الكعبة تمامًا للحظات معدودة.
ويستعرض “كابيتال نيوز” في السطور التفاصيـــــــــــــــــل..
تفاصيل تعامد الشمس على الكعبة المشرفة
كشف الدكتور ياسر عبد الهادي، رئيس معمل أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، عن تفاصيل هذه الظاهرة المرتقبة، ففي يوم التعامد، ستصل الشمس إلى أقصى ارتفاع لها في سماء مكة المكرمة، وذلك تحديداً عند أذان الظهر بتوقيت مكة المكرمة، وتحديداً في الساعة 12:18 ظهراً.
في تلك اللحظة الحاسمة، تبلغ زاوية ارتفاع الشمس 89.89 درجة، وهي زاوية تقترب بشكل مذهل من زاوية التعامد المثلى (90 درجة). ويوضح الدكتور عبد الهادي أن الفارق بين الزاوية التي ستصل إليها الشمس والزاوية المثالية لا يتجاوز 5 دقائق و36 ثانية قوسية، مما يضمن حدوث ظاهرة اختفاء الظل بشكل شبه كامل.
التعامد الأول لعام 2025: ظاهرة تتكرر مرتين سنوياً
يُعد هذا التعامد الشمسي على الكعبة المشرفة هو التعامد الأول من نوعه خلال عام 2025. فالكعبة المشرفة، كجزء من الكرة الأرضية الواقعة بين مداري السرطان والجدي، تشهد هذه الظاهرة مرتين سنوياً.
ويُتوقع أن يحدث التعامد الثاني لهذا العام في وقت لاحق، وتحديداً يوم 15 يوليو المقبل، مما يتيح فرصة أخرى لمراقبة هذه الظاهرة الساحرة والاستفادة منها علمياً.
أهمية الظاهرة
لا تقتصر أهمية ظاهرة تعامد الشمس على كونها مشهداً فلكياً مبهراً فحسب، بل تمتد أهميتها لتشمل جوانب علمية وعملية بالغة الأهمية.
كما أوضح الدكتور ياسر عبد الهادي، يمكن الاستفادة من هذه الظاهرة بشكل فعّال في تحديد اتجاه القبلة بدقة متناهية في أي مكان على سطح الأرض حيث تكون الشمس مرئية في لحظة التعامد.
كيف يتم ذلك؟ الأمر بسيط: عند حدوث التعامد، يمكن ملاحظة ظل أي جسم رأسي، سواء كان عموداً أو شاخصاً. ففي تلك اللحظة، سيشير الاتجاه المعاكس للظل تماماً إلى اتجاه الكعبة المشرفة.
هذه الطريقة تُعد من أقدم وأدق الطرق الفلكية لتحديد اتجاه القبلة، وقد استخدمها العلماء والمسافرون على مر العصور لتحديد وجهتهم نحو أقدس بقعة على وجه الأرض.
يُصنف هذا الحدث الفلكي كـ “تعامد رأسي” أو “تسامت شمسي”. وهو يختلف جذرياً عن ظواهر التعامد الأفقي التي قد تُلاحظ عند شروق أو غروب الشمس على مواقع أثرية أو معمارية معينة، والتي تعتمد على زوايا أفقية محددة.
يحدث التعامد الرأسي بشكل خاص بين مداري السرطان والجدي، وذلك نتيجة للميل الطبيعي لمحور الأرض بزاوية قدرها 23.45 درجة. هذا الميل هو الذي يؤدي إلى تغير موقع الشمس الظاهري في السماء على مدار العام، مما ينتج عنه ظواهر فلكية فريدة مثل تعامد الشمس.
تُعد ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المـشرفة فرصة ذهبية لهواة الفلك والمهتمين بالعلوم الفلكية لتطبيق تجارب علمية شيقة ومفيدة. فعلى سبيل المثال، يمكن لهذه الظاهرة أن تُلهم إحياء تجربة قياس محيط الأرض التي أجراها العالم الإغريقي العبقري إراتوستينس قبل أكثر من ألفي عام.
فقد استخدم إراتوستينس تعامد الشمس في مدينة أسوان (سين) آنذاك لقياس زاوية ميلها في الإسكندرية (أليكساندريه)، ومن خلال الفارق في الزاوية والمسافة بين المدينتين، تمكن من استنتاج محيط الكرة الأرضية بدقة مذهلة
اقرأ أيضا: قبل ما تحج.. اعرف واجبات الطواف حول الكعبة وشروط صحته؟