“لولا الولايات المتحدة ما كانت قناة السويس”.. هذا هو ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات مثيرة للجدل، تسببت في موجة عارمة من الغضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المصريين والعرب أيضا.
ويستعرض “كابيتال نيوز” أخر المستجدات عن قناة السويس.
أقرأ أيضا: اقتصادية قناة السويس: نحرص على تعميق التعاون وتبادل الخبرات مع مجموعة موانئ أبوظبي
تصريحات مثيرة للجدل
خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل عن طريق منصته التواصلية المعروفة بـ”تروث سوشيال” أمس السبت، فقد طالب بأن تمر السفن الأمريكية عبر قناة السويس مجانا دون دفع أي رسوم، لكن الأزمة ليست هنا.
فالأزمة أنه تعمد ومن خلال منصة “تروث سوشيال أن يؤكد بأن قناة السويس لم تكن تنشأ لولا الولايات المتحدة الأمريكية، تلك التصريحات التي أشعلت أنتفاضة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي ليأكدوا أن قناة السويس نشأت منذ أكثر من 200 عام بأياد مصرية، وأن المصريين دفعوا أرواحهم لكي تخرج هذه القناة للنور، وأن لولاهم أصبحت هذه القناة الآن هي الممر الهام والشريان الحيوي والأساسي للتجارة العالمية.
ولأهمية قناة السويس وما تمثله لمصر وللعالم، بات يستوجب الرد على ما ردده وقاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
متى طرحت الفكرة؟
فرعون مصر سنوسرت الثالث الذي كان ينتمي للأسرة الثانية عشرة قبل الميلاد هو أول من فكر في شق قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وأوضح حينها أن الهدف من طرح هذه الفكرة هو توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب ، ولا تزال أثار هذه القناة موجودة حتى اليوم في منطقة جنيفة بالقرب من مدينة السويس.
وجاء عام 610 قبل الميلاد لتمتلأ القناة التي فكر فيها الملك سنوسرت الثالث بالأتربة ويتكون فيها سد أرضي، الذي عزل البحيرات المرة عن البحر الأحمر بسبب افتقارها للصيانة، فيأتي الفرعون نخاو الثاني الذي عرف بإسم نيقوس ويقرر بذل جهود لإعادة شق القناة ونجح بالفعل في توصيل النيل بالبحيرات المرة ولكنه فشل في توصيلها بالبحر الأحمر.
أهتمام الفرس بالقناة
وفي 510 قبل الميلاد اهتم دارا الأول ملك الفرس بالقناة، فأعاد ربط النيل بالبحيرات المرة، لكنه لم ينجح في توصيل البحيرات المرة بالبحر الأحمر إلا من خلال قنوات صغيرة لم تكن صالحة للملاحة، إلا في موسم فيضان النيل فقط.
فظهر الملك بطاليموس الثاني في الصورة تحديدا عام 285 قبل الميلاد وتغلب بالفعل على كل الأزمات والصعوبات التي وقفت في وجه من سبقوه، وأعاد الملاحة إلى القناة بأكملها بعد أن نجح في حفر الجزء الذي يقع بين البحيرات المرة والبحر الأحمر، ليحل محل القنوات الصغيرة.
ويأتي عهد البيزنطيين وتحديدا عام 400 الميلادي يدب الإهمال مرة أخرى في القناة ويتراكم التراب فيها حتى أصبحت غير صالحة للملاحة.
قناة أمير المؤمنين
بعد أن فتح عمرو بن العاص مصر في عهد أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، وتحديدا عام 641 ميلاديا، قرر “عمرو بن العاص” أن يعيد الملاحة إلى القناة وأطلق عليها إسم “قناة أمير المؤمنين” وفكر في أن يشق قناة مباشرة بين البحرين الأبيض والأحمر، إلا أن الخليفة عمر بن الخطاب طلب منه التوقف عن إتمام هذه الخطوة لأنه رضي الله عنه كان يعتقد أن إتمام خطوة كهذه قد تعرض مصر كلها للغرق من مياه البحر الأحمر.
عهد محمد علي
ومرت عقود حتى جاء عام 1820، الذي فيه أمر محمد علي بإعتباره حاكم مصر بإصلاح جزء من القناة لري المنطقة التي تقع بين العباسة والقصاصين بمنطقة الإسماعيلية.
إلا أن التاريخ الفعلي لقناة السويس يبدأ حينما صدر فرمان الإمتياز الأول الذي كان عام 1854 وما تلاه من فرمانات، وصولا بعمليات الحفر التي بدأت في 25 إبريل 1859، ذلك اليوم الذي شهد أول ضربة من الفأس لإتمام أعمال قناة السويس في محافظة بورسعيد وكان ذلك بأياد 20 ألف عامل مصري، لتنتهي علميات الحفر في 18 أغسطس 1869، ويتم الإفتتاح في 17 نوفمير 1869.
وكان افتتاح القناة في حفل أسطوري حضره ستة آلاف مدعو في مقدمتهم الإمبراطورة أوجيني زوجة إمبراطور فرنسا نابليون الثالث، وإمبراطور النمسا، وملك المجر، وولي عهد بروسيا، وشقيق ملك هولندا، والأمير توفيق ولي عهد مصر.
السفينة إيجيل
وفي هذا اليوم، يوم الافتتاح 17 نوفمبر 1869، عبرت السفينة “إيجيل” قناة السويس، وكان على متنها كبار المدعوين تتبعها 77 سفينة منها 50 سفينة حربية، ذلك اليوم الذي كان عبارة عن مهرجانات خيالية أنفق فيها الخديوي إسماعيل حاكم مصر مبالغ باهظة.
تأميم القناة
ولأن القناة مصرية وتمت بأياد مصرية وبنيت بدماء وروح المصريين، قرر الرئيس جمال عبد الناصر أن يعيد الحقوق لأصحابها، ومن قلب مدينة الإسكندرية وفي يوم 26 يوليو 1956، وجه خطابه الشهير الذي أعلن فيه عن قرار تأميم قناة السويس وتعويض المساهمين وحملة حصص التأسيس عما يملكون من أسهم وحصص بقيمتها، مع التزام الحكومة المصرية بسداد هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.
وبالفعل أوفت الدولة المصرية بكافة التزاماتها، وفي الأول من يناير من العام 1963 كانت قد سددت التعويضات التي بلغت 28 مليون جنيه.
مشروع زيادة
وبعد أن عادت الملاحة في القناة تحديدا بعد إنتهاء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 تم البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع زيادة القطاع المائي لها من 1250 متر مربع إلى 1800 متر مربع وإتخاذ خطوات لزيادة الغاطس المسموح به للسفن العابرة من 35 قدم إلى 37 قدم.
وفي 8 أكتوبر من العام 1962 احتفلت هيئة القناة بعبور السفينة رقم 100 ألف في قناة السويس منذ أن أممها الرئيس جمال عبدالناصر.
توقف الملاحة في قناة السويس
وبسبب حرب يونيو 1967 توقفت الملاحة في قناة السويس ليستمر الوضع حتى يعلن الرئيس محمد أنور السادات في خطابه الذي وجهه من قلب مجلس الشعب في 29 مارس من العام 1975 إعادة افتتاح قناة السويس.
وتستمر مصر في مشروعات التطوير حتى بلغت حمولة السفينة المسموح بعبورها 210 ألف طن ووصل الغاطس إلى 62 قدم ومساحة القطاع المائي إلى 4800 متر مربع وطول القناة إلى 191.80 كيلو متر وذلك في عام 2001.
وفي العام 2015 افتتحت السلطات المصرية قناة السويس الجديدة والتي هدفت لتوسيع المجرى الملاحي وتقليل زمن العبور واستيعاب أكبر عدد ممكن من السفن، وتوسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى بطول إجمالي 37 كيلومترا وإجمالا أطوال المشروع 72 كيلومترا.
لقناة السويس تاريخ حافل منذ أن بدأت حياة المصري القديم، تاريخ يثبت أنها مصرية من الألف إلى الياء، أن ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مردود عليه بالأدلة والبرهان والتواريخ، لكن الغريب والمحاولات المستميتة لسرقة التاريخ دون وجه حق.