سلّط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على التقرير الصادر مؤخرًا عن البنك الدولي، والذي تناول إمكانات الموارد الطبيعية غير المستغلة في أفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدًا أنها يمكن أن تمثل محركًا رئيسيًا لتحول اقتصادي شامل ومستدام، إذا ما أُديرت بسياسات رشيدة تعزز التكامل الإقليمي وتحد من تقلبات الأسواق.
وأشار التقرير إلى أن القارة تمتلك ثروة هائلة من المعادن والنفط والغاز، تمثل نحو 30% من احتياطيات المعادن العالمية، إلا أن استغلالها لا يزال محدودًا، ما يحرم الحكومات من إيرادات ضريبية تقدر بنحو 20 مليار دولار سنويًا.
وأوضح البنك أن القطاع التعديني يشكل ركيزة أساسية لاقتصادات المنطقة، إذ يسهم بحوالي 30% من الإيرادات الحكومية ويستحوذ على الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما أبرز التقرير دور هذه الموارد في دعم التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، إذ تحتاج الاقتصادات العالمية إلى نحو 3 مليارات طن إضافية من المعادن بحلول عام 2050.
وتتصدر الكونغو الديمقراطية إنتاج الكوبالت عالميًا، فيما تمتلك جنوب أفريقيا أكبر احتياطيات من البلاتين والمنجنيز، وتُعد زامبيا والكونغو من أبرز منتجي النحاس اللازم لصناعات الكهرباء والطاقة المتجددة.
وحذر البنك الدولي من أن الاعتماد المفرط على الموارد قد يشكل خطرًا اقتصاديًا، مستشهدًا بتجارب دول شهدت خلال فترة ارتفاع أسعار السلع (2004–2014) زيادة في العوائد دون تحقيق تنمية مستدامة، نتيجة ضعف الحوكمة وسوء إدارة الإيرادات.
كما أشار إلى أن القارة لا تجذب سوى 10% من الإنفاق العالمي على الاستكشافات المعدنية، ما يعكس ضعف البيانات الجيولوجية وقصور الاستثمارات في هذا المجال. ولفت إلى أن تحسين نظم المعلومات والعقود الضريبية يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين ويضيف 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي كإيرادات إضافية.
وأكد البنك الدولي أن الوفرة في الموارد تمثل فرصة لانطلاق أفريقيا نحو التصنيع وزيادة القيمة المضافة قبل التصدير، من خلال تطوير سلاسل القيمة الإقليمية، وتطبيق سياسات محتوى محلي ذكية، مشيرًا إلى أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) يمكن أن تضاعف التجارة البينية لتصل إلى 3.2 تريليون دولار، إذا ما استُغلت في توحيد السياسات وتكامل الأسواق.
وأوضح أن الثروات الطبيعية غير المستغلة في أفريقيا جنوب الصحراء تمثل فرصة استثنائية للتحول الاقتصادي، بشرط توافر إرادة سياسية قوية، وسياسات رشيدة، ومؤسسات قادرة على إدارة العوائد بعدالة، بما يضمن بناء اقتصادات متنوعة وشاملة ومستدامة.
